أخبارالرئيسيةفي الصميم

لهذا نبحث عن”كفاءة الحكومة”عوض أسطوانة “حكومة الكفاءات”

يبدو أن الحكومة التي قالت عن نفسها أنها “حكومة الكفاءات”، وأنها جاءت “من أجل خدمة المواطن المغربي”، أصبحت عاجزة تماما عن تحقيق ما أكدته في برنامجها الحكومي، ولو أن هذا الأخير يقال في شأنه العديد من الكلام، وأصبحت عاجزة كذلك عن تحقيق ولو جزء من تلك الشعارات الرنانة التي هلكت الغشاء الطبلي لأذن المواطن البسيط الذي أصبح اليوم نادما على اختياره، وعلى ما يقع ويردد تلك المقولة الشعبية المتداولة لدى الشعب المصري “يا ريت اللي جرى ما كان”..

بقلم/ ربيع كنفودي

فمنذ الإعلان عن تشكيل الحكومة بأحزاب التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، وحزب الإستقلال، بدأت هذه الأخيرة بمكوناتها تطلق على نفسها أنها “حكومة كفاءات”، وأنها ستكون هي “البديل” وهي “الأفضل والأحسن” مقارنة بالحكومتين السابقتين، ولو أن حزب التجمع الوطني للأحرار كان ضمن هاتين الحكومتين وكان يستحوذ على أهم الوزارات ويحكم قبضته على أهم القطاعات الحيوية، لا داعي لذكرها لأنها واضحة للعادي والبادي، كيف لا وهي من كانت سببا في بلوكاج 2016..الأمر الذي يجعلنا نتساءل: هل فعلا حكومة الأمل والمستقبل، وعلى قدر تطلعات الشعب؟ أم أنها أصبحت جزءًا من الحكاية التي يتحدث عنها المواطن المغربي في المجالس الخاصة، ويحكيها بنبرة نقدية ساخرة هنا وهناك..؟

عودة إلى الأمثال الشعبية المصرية “اللي ما يشوفش من الغربال يبقى أعمى”، والمواطن المغربي مع هذه الحكومة أصبح يرى كل شيء أسود في حياته غلاء في الأسعار وفي المقدمة أسعار المحروقات التي باتت من “الطابوهات” المسكوت عنها، وكأن الحديث عنها خط أحمر ومخالف لمقتضيات القانون، بل حتى النواب البرلمانيين المفروض أنهم لسان المواطن الضعيف سكتوا ولم ينطقوا، بل منهم من لم يسمع، بضم الياء، صوته منذ أن “تبلص” على كرسي البرلمان.

ليس بعيدا عن الأسعار، “ملف الفراقشية”، الذي أصبح نقطة سوداء في تاريخ هذه الحكومة، التي قدمت هذا الدعم، وخرجت تنتقد وتصرخ وتقول “اللهم هذا منكر”، لتقرر بعد ذلك إجراء مهمة استطلاعية في هذا الأمر، وكأننا أمام رحلة استكشافية قررت الأغلبية تنظيمها لتكتشف معالم الطبيعة، والحال أننا أمام أمر يستدعي المساءلة والمحاسبة ليس فقط الفئة المستفيدة، بل حتى الحكومة التي فشلت في ذلك حسب ما أقره لقجع في تصريح بمجلس النواب. وهنا نتساءل: لماذا فضلت الأغلبية القيام بمهمة استطلاعية، وليس لجنة لتقصي الحقائق، التي ينظمها الفصل 67 من الدستور والقانون التنظيمي 058.13 المتعلق بلجان تقصي الحقائق، والتي ترمي أساسا إلى الكشف عن وقائع تمس المصلحة العامة ويثار حولها جدل مجتمعي أو شبهات فساد أو اختلالات، ولها قوة قانونية ملزمة، ولها الحق في استدعاء أي مسؤول والإستماع إليه تحت القسم، بل أن الأشخاص الذين يرفضون التعاون معها يمكن أن يتابعوا قضائيا عكس اللجنة الإستطلاعية التي طلبتها الأغلبية، التي ترمي إلى الإطلاع على وضعية أو سير مرفق عمومي، أو تقييم برامج عمومية، ولا تهدف إلى البحث في خروقات خطيرة بل إلى جمع المعطيات والملاحظات.
وهنا نتساءل: هل فعلا ستتحرى في ملف دعم “فراقشية”، وتفضح أولئك الذين تلاعبوا بالمواطن المغربي، أم أن مهمتها ستكون روتينية الغرض السكوت عن المفضوح، عوض فضح المسكوت عنه؟

حكومة الكفاءات، ماذا قدمت وأنجزت في الشبح المخيف، بل القاتل الذي قتل مئات بل آلاف الشباب الذين فضلوا الهجرة عبر قوارب الموت من أجل تحسين وضعيتهم الإجتماعية، فضلوا بلدان المهجر، على بلدهم الأصلي، لأن الحكومة أخلفت وعدها معهم في توفير مناصب الشغل وفرص العمل، ولعل ما أعلنته نتائج الإحصاء الأخير من أرقام مخيفة في هذا الشأن تؤكد فعلا عجز الحكومة على تحقيق الآمال للشعب المغربي الذي فقد ثقته فيها..

كثيرة هي الملفات التي كشفت حقيقة من قالت عن نفسها “حكومة الكفاءات”، ملف المخطط الأخضر الذي قال عنه أحد النواب البرلمانيين أنه “كان فاشلا بما تحمله الكلمة من معان متعددة”، أضف إلى هذا ملف التعليم الذي بات مشكلا أساسيا وجب الوقوف عنده، ولعل “التشرميل” الذي يتعرض له الأستاذ في ظل مذكرة البستنة التي أصدرتها الوزارة الوصية، تؤكد بالملموس أن واقع التعليم أصبح مقلقا ويستدعي التدخل، ليس من طرف هذه الحكومة، التي جلبت أصحاب “المصاصات” لتسييره.. نفس الشيء يقال عن الصحة التي باتت بدون صحة، المريض وفي ظل الحماية الإجتماعية، أصبح مقيدا بضرورة توفير جميع المستلزمات قبل إجراء العملية، حتى يتمكن من العلاج، مستلزمات من الواجب توفيرها بالمراكز الإستشفائية والمستشفيات والمراكز الصحية..

صورة الحكومة اليوم اتضحت وأصبح “مشرقة”، ولا أحد يجادل في ذلك، بل الجميع يؤكد أننا أمام حكومة قتلت أمل المواطنين، واستقوت من خلال المصالح المحققة، آخرها كما صرح نواب المعارضة “صفقة تحلية الماء”، والأكثر من هذا أنها اليوم تتسارع من أجل الفوز في الاستحقاقات المقبلة وأصبحت تسمي نفسها ب “حكومة المونديال”، وهذه كارثة من كوارث الأغلبية الحكومية..

ختاما وفي جملة قصيرة، وأمام هذه الحكومة نقول لسنا بحاجة إلى حكومة الكفاءات، وإنما بحاجة ماسة إلى كفاءة الحكومة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button