مكناس تستعد لاستقبال فرنسا كضيف شرف في النسخة الـ17 من المعرض الدولي للفلاحة

قبل أيام قليلة من دق ساعة الانطلاق، تتأهب العاصمة الإسماعيلية مكناس لاستضافة فعاليات الدورة السابعة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب (SIAM 2025)، الحدث الأبرز في أجندة القطاع الفلاحي على المستويين الوطني والقاري. هذه الدورة، التي تقام تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وتستمر فعالياتها طيلة أسبوع ابتداءً من 21 أبريل الجاري، تؤكد من جديد على مكانة المعرض كمنصة استراتيجية حقيقية تلتقي فيها أحدث الابتكارات، وتتعزز الشراكات الدولية، وتناقش التحديات البيئية الملحة التي تواجه الفلاحة العالمية.
يأتي تنظيم هذه الدورة في سياق عالمي دقيق يواجه فيه القطاع الفلاحي تحديات جمة، أبرزها تدبير الموارد المائية الشحيحة وتداعيات التغيرات المناخية المتسارعة. ويسلط المعرض هذا العام الضوء بشكل خاص على هذه القضية المحورية، تحت شعار “الفلاحة والعالم القروي: الماء في صميم التنمية المستدامة”، ليؤكد على الدور الريادي الذي يضطلع به المغرب كفاعل أساسي في بناء فلاحة مستدامة وقادرة على الصمود على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ومن المتوقع أن يستقطب المعرض الدولي للفلاحة 2025 بمكناس، الذي تحل عليه فرنسا كضيف شرف، مشاركة واسعة تقدر بنحو 1500 عارضًا يمثلون حوالي 70 دولة من مختلف أنحاء العالم. كما يتطلع المنظمون إلى استقبال أكثر من مليون زائر من المهنيين والخبراء والعموم، بالإضافة إلى حضور رسمي رفيع المستوى يضم 45 وفدًا أجنبيًا، مما يعكس الأهمية المتزايدة التي يحظى بها المعرض على الساحة الدولية.
وقد تم اختيار شعار الدورة بعناية فائقة ليكون بمثابة دعوة واضحة لتضافر الجهود وتوحيدها لمواجهة التحديات المناخية التي تفرض نفسها على القطاع الفلاحي وعلاقته الحيوية بالعالم القروي. ويعكس هذا الاختيار الالتزام المستمر للمغرب بتبني حلول مبتكرة وتقنيات حديثة تساهم في جعل العلاقة بين الماء والفلاحة رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وخلق الثروة في المناطق القروية، وبالتالي تعزيز السيادة الغذائية للمملكة.
ويوفر المعرض الدولي للفلاحة بمكناس فضاءً فريدًا لتبادل الخبرات والمعارف بين مختلف الفاعلين في القطاع، من خبراء ومهنيين ومؤسسات حكومية وخاصة، بهدف إيجاد حلول عملية وواقعية تساهم في تحقيق تنمية فلاحية قوية وشاملة ومستدامة. وتعتمد هذه الحلول بشكل متزايد على تبني تكنولوجيات متقدمة في مجالات الري الذكي، وإعادة استخدام المياه المعالجة، ومراقبة المحاصيل باستخدام الطائرات بدون طيار، وغيرها من الابتكارات التي تساهم في ترشيد الموارد وتحسين الإنتاجية.
وقد حافظت الدورة السابعة عشرة على الهيكلة التنظيمية المحكمة التي ميزت النسخ السابقة، حيث تتألف من اثني عشر قطبًا موضوعيًا رئيسيًا تغطي مختلف جوانب القطاع الفلاحي، بدءًا بـ “جهات المملكة” الذي يبرز التنوع الفلاحي للمغرب، مرورًا بـ “القطب الدولي” الذي يعكس الانفتاح العالمي للمعرض، وصولًا إلى أقطاب “لوازم الإنتاج الفلاحي”، و”الصناعات الغذائية الفلاحية”، و”المنتجات المحلية”، و”الطبيعة والبيئة”، و”تربية المواشي”، و”الآلات الفلاحية”، و”الرقمنة في الفلاحة”، و”فضاء الندوات” الذي يشكل منصة للحوار وتبادل الأفكار.
وقد أولى منظمو المعرض اهتمامًا خاصًا بتطوير البنية التحتية وتحديثها لتوفير تجربة متميزة للزوار، حيث تم إعادة تصميم الموقع ليشمل مواقف سيارات حديثة، ومسار سياحي يربط بين مختلف الأقطاب، بالإضافة إلى تخصيص فضاءات مريحة للعائلات ومناطق للمطاعم تركز على تقديم المنتجات المحلية الأصيلة.
وتبشر النسخة السابعة عشرة من المعرض الدولي للفلاحة بنتائج واعدة على مختلف الأصعدة، خاصة مع التجديدات التي تم اعتمادها لتسهيل حركة الزوار وتحسين تجربتهم، بالإضافة إلى تفعيل نظام بيع التذاكر عبر الإنترنت وتسهيل الولوج عبر تهيئة مساحات أوسع ولوحات إرشادية متعددة اللغات.
وعلى مدى سبعة عشر عامًا، رسخ المعرض الدولي للفلاحة بمكناس مكانته كحدث محوري يعكس طموح المغرب في بناء فلاحة مستدامة وشاملة ومنفتحة على العالم، ويشكل نافذة هامة لاستشراف مستقبل القطاع ومواجهة تحدياته بروح الابتكار والتعاون.