أخبارأخبار سريعةإفريقياجهات المملكةقضاء وقانونمجتمع

من قلب معرض الكتاب بالرباط.. المجلس الأعلى للسلطة القضائية يستعرض مسيرة الإصلاحات الطموحة وتطلعات مستقبل العدالة في أفريقيا

ابو محمد

في خضم فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، برزت مشاركة المجلس الأعلى للسلطة القضائية كحدث هام يسلط الضوء على مسيرة الإصلاحات العميقة التي يشهدها قطاع العدالة في المملكة المغربية، ويفتح آفاقًا واعدة للتعاون وتبادل الخبرات على المستوى الأفريقي.
فالندوة الافتتاحية التي نظمها المجلس، أمس الجمعة، لم تكن مجرد استعراض للإنجازات المحققة منذ تأسيسه كهيئة دستورية مستقلة، بل كانت بمثابة خارطة طريق طموحة تستشرف مستقبل العدالة في المغرب، وتحمل في طياتها رسائل قوية لدول القارة السمراء الساعية إلى تطوير منظومتها القضائية وتعزيز استقلاليتها.

– استقلال القضاء.. قضية أفريقية مشتركة:
لقد أكد الأمين العام للمجلس، منير المنتصر بالله، في كلمته الافتتاحية، على الأهمية القصوى لتعزيز استقلال القضاء باعتباره ركيزة أساسية للتنمية الشاملة والثقة المجتمعية في أي دولة أفريقية. وأشار إلى أن التجربة المغربية، التي حظيت بدعم وتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يمكن أن تكون مصدر إلهام ونموذجًا يحتذى به للعديد من الدول الأفريقية التي تسعى إلى ترسيخ دولة القانون وحماية حقوق المواطنين.

– مسار استراتيجي طموح.. يواكب التطورات العالمية:
إن المسار الإصلاحي الذي تبناه المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب، والذي يرتكز على مبادئ النجاعة والرقمنة والانفتاح، يعكس وعيًا عميقًا بأهمية مواكبة التطورات العالمية في مجال العدالة. فإطلاق المنصات الرقمية المتطورة لخدمة القضاة والمتقاضين، وتطوير آليات تقييم الأداء القضائي، وإصدار مجلة قضائية وطنية مرموقة، كلها خطوات تعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق عدالة عصرية وفعالة، قادرة على الاستجابة لتطلعات المواطنين وتحديات العصر.

– الاستثمار في العنصر البشري.. أولوية أفريقية:
لقد شددت أمال لمنيعي، رئيسة قطب التكوين والتعاون بالمجلس، على الأهمية القصوى للاستثمار في العنصر البشري، أي في القاضي الأفريقي، باعتباره حجر الزاوية في أي إصلاح قضائي حقيقي. وأكدت أن التكوين المستمر والمتخصص يمثل المفتاح الرئيسي لترسيخ نموذج قضائي ناجع وقادر على تحقيق العدالة المنشودة. إن هذه الرؤية تؤكد على أن بناء قدرات القضاة الأفارقة وتمكينهم بالمعارف والمهارات اللازمة هو استثمار في مستقبل القارة بأسرها.

– الاستقلال المالي والإداري.. ضمانة للنزاهة والحياد:
لقد شكل الحوار المستفيض حول مظاهر الاستقلال المالي والإداري للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب رسالة قوية لأفريقيا، تؤكد على أن ضمان استقلال المؤسسات القضائية ماليًا وإداريًا هو شرط أساسي لضمان نزاهتها وحيادها وقدرتها على أداء مهامها بكل استقلالية ودون أي تأثيرات خارجية.
إن مشاركة المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المعرض الدولي للكتاب بالرباط لم تكن مجرد حدث محلي، بل كانت بمثابة منصة لتبادل الخبرات والرؤى مع دول القارة الأفريقية، والتأكيد على التزام المغرب الراسخ بتعزيز التعاون جنوب-جنوب في مجال العدالة، والمساهمة الفعالة في بناء مستقبل قضائي أكثر عدالة ونجاعة في أفريقيا. إن التجربة المغربية الرائدة في إصلاح القضاء تحمل في طياتها الكثير من الدروس والعبر التي يمكن أن تستفيد منها الدول الأفريقية الشقيقة في مسيرتها نحو تحقيق سيادة القانون وترسيخ أسس العدالة المستدامة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button