هلوسة بين قشعريرة وأخرى …

هلوسة بين قشعريرة وأخرى …
لا تقل لي ما لست عليه، ولا تدع ما لا تثبته أفعالك…
لا تقل لي: “أنت صديقي”، وتدبر ظهرك لي،
ولا تقل: “أنا أخوك”، ولا ترد سلامي ولو بأدنى منه،
لا تزعم أنك رفيقي وتتركني وحدي في الخندق أقاوم،
ولا تدعي أنك معي في الشدة، ولما تشتد لا أراك بصفي،
ولا تقولي: “أنت حبيبي”، فإذا رعدت السماء واختبأت الغيوم، اختفيت عني!
تعلمت من الأيام، وكفرت بما علمتني…
أزرتني وجوهاً أوجعتني رؤيتها على غير ما ظننت،
فضلت تكذيبها، فدفعت الثمن غالياً،
أسمعتني أقوالاً واضحةً، وأخطأت تأويلها عمداً،
أعطتني حججاً، لكنني رفضتها لألا يكون حكمي…
قاسيًا عليك…
سألوني عنك، وأخفيت حقيقتك،
أجبتهم وأخفقت في الجواب،
كأن الأثر اندثر في وهم العجالة وخجل الباقيات.
بين قشعريرة وأخرى، كنا نتبادل الكلمات،
أحكي لك ما يُقال، وتحكي لي ما يدعون…
لا تقل لي ما فعله غيري وتُحمِّلني ما لم أفعله،
وقل له ما فعلت، ولا تلمه لأنه لم يفعل مثله،
أنا وهو، وإن آلمنا نفس ما نرى، فلسنا منه بنفس القرب،
في جسدي الطعن، ولم يعرف منه إلا سكوتي عن الأنين،
مني ينزف الدم، ولم يَرَ منه إلا سواده حين جف على قارعة الطريق،
أنا من يمشي حافيًا، يُهجر من أرضه، ولم يعرف من ذلك إلا ما بثته شبكات التواصل المودة عنها.
فقل له أن يتواضع في حديثه عني،
وإلا فليتقدّم، فالخندق كاد يخلو من جنده…
أنا لست مثلك، ولا يلزمني أن أكون:
كل هالة جذبتك لا تجذبني،
ولا كل ما يخيفك يخيفني،
ولا كل ما تصدقه أصدقه،
ولا كل ما تقدسه أقدسه،
أفكر بعقلي، وأنت تنازلت عنه لغيرك،
فلا تلمني إن لم أخضع لما خضعت له،
خيالي لا يحذه مستحيل، وأنت جعلت الممكن مستحيلاً،
فلا تعجب إن رأيتني أحلق في السماء، أو أواجه الجحافل،
وأنت أثقلك الذعر، فلبثت كالجذع تتدافعه السيول.
عبداللطيف زكي… تريير-سيتيي، في 19 أبريل 2025