
ابو محمد
عادت نيجيريا لتتصدر واجهة الأخبار المأساوية، حيث أعلنت السلطات المحلية عن مقتل 17 شخصًا على الأقل في أحدث موجة من العنف القبلي الذي يضرب بقوة التجمعات السكانية الهشة في وسط البلاد. يأتي هذا التصعيد الدموي ليُضاف إلى سلسلة من الهجمات المميتة التي شهدتها ولاية بلاتو المجاورة في الأيام الأخيرة، مما يلقي بظلال قاتمة على الوضع الأمني المتدهور في المنطقة ويثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على احتواء هذه النزاعات المتصاعدة.
فقد أفادت شرطة ولاية بينو، في بيان صدر أمس الجمعة، بأن منطقتي أوكوم ولوجو الواقعتين في الولاية المتاخمة لبؤرة التوتر الأخيرة، بلاتو، قد تعرضتا بدورها لـ “اجتياح عدد كبير من المشتبه في أنهم من عناصر الميليشيات”. هذا التوسع المفاجئ لرقعة العنف يشير إلى طبيعة النزاع المتأصلة وقدرته على الانتشار بسرعة في ظل غياب حلول جذرية.
وفي تفاصيل الهجمات، أوضحت الشرطة أن وحدات أمنية تحركت على الفور لمحاولة صد المهاجمين الذين استهدفوا بلدة في منطقة أوكوم، إلا أن المواجهات الدامية أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص. وفي بلدة مجاورة، كان الوضع أكثر مأساوية، حيث أدى هجوم مباغت وشنيع إلى إزهاق أرواح 12 شخصًا بريئًا قبل وصول قوات الأمن إلى مسرح الجريمة.
إن هذه الأنباء المفجعة تأتي في أعقاب تقارير مؤلمة عن هجمات مماثلة شهدتها ولاية بلاتو النيجيرية (الوسط)، والتي أودت بحياة العشرات من الأشخاص في الأيام القليلة الماضية. هذا التزامن والتصاعد في وتيرة العنف يشير إلى وجود ديناميكية خطيرة تتغذى على الاحتقان القبلي والصراع على الموارد.
ويُرجع المحللون تفاقم أعمال العنف في نيجيريا إلى جذور عميقة تتمثل في النزاعات المزمنة حول الأراضي الخصبة بين الرعاة الرحل والمزارعين المستقرين، والذين ينتمون في الغالب إلى مجموعات عرقية مختلفة. وفي ظل النمو الديموغرافي المطرد والتأثيرات المدمرة لتغير المناخ على مساحة الأراضي الصالحة للزراعة، يزداد التنافس شراسة على هذه الموارد المحدودة، مما يؤجج الصراعات ويغذي دائرة العنف المفرغة.
إن هذه الموجة الجديدة من العنف في وسط نيجيريا تدق ناقوس الخطر مجددًا بشأن هشاشة الوضع الأمني في البلاد وتحديات التعايش السلمي بين مختلف المجموعات العرقية. وبينما تتصاعد الدعوات إلى تدخل حكومي عاجل وحاسم لوقف نزيف الدماء وحماية المدنيين، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن نيجيريا من إيجاد حلول جذرية لهذه النزاعات المتأصلة قبل أن يستفحل الأمر ويخرج عن السيطرة؟ إن مستقبل المنطقة الوسطى من البلاد يبدو قاتمًا في ظل استمرار هذه الدوامة الدموية التي تحصد أرواح الأبرياء وتقوض أسس الاستقرار.