أخبارأخبار سريعةالعلوم والتكنولوجياالناس و الحياةقضاء وقانونمجتمع

التحول الرقمي في العدالة: رهانات الذكاء الاصطناعي واستقلالية القضاء في ضوء التصورات القضائية المغربية

أكد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية،أن منظومة العدالة المغربية قد تشهد تحولات هيكلية عميقة نتيجة إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال حل المنازعات وهو ما قد يحدث تغييرات غير مسبوقة في مفاهيم تقليدية كاستقلالية القضاء.

جاء ذلك في كلمته الافتتاحية خلال المؤتمر الدولي للمجموعة الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للقضاة المنعقد بمدينة الدار البيضاء حيث شدد على أن “العدالة تواجه في الوقت الراهن تحديات كبرى بفعل الثورة الرقمية المتسارعة”،مضيفا أن هذه التحولات التكنولوجية وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي،مرشحة لإعادة تشكيل طرق فض النزاعات وإحداث تغييرات جذرية في ممارسة المهنة القضائية.
وأشار عبد النباوي إلى أن الاعتماد على البرمجيات الذكية في العمليات القضائية قد يطرح إشكاليات جديدة حول استقلالية القضاة،لا سيما عندما يصبح مصدر القرار القضائي مشتركا بين الإنسان والآلة.إذ من الممكن أن تنتقل فكرة “استقلال القاضي” لترتبط بمطوري الخوارزميات والمتحكمين في الأنظمة الرقمية أكثر من ارتباطها بالقاضي ذاته.
وأكد في هذا السياق أن “التأخر عن مواكبة التحولات العلمية والتقنية كان له عبر التاريخ كلفة باهظة على الشعوب والدول” مستحضرا تأثير الثورة الصناعية على مصير دول الجنوب ومن هذا المنطلق،دعا عبد النباوي إلى انخراط أنظمة العدالة الإفريقية بفعالية في الثورة الرقمية الجارية ضمانا لاستقلالها وفعاليتها وتفادي الوقوع في موقع المتلقي أو المتفرج.
كما أبرز أن مؤتمر الدار البيضاء المنعقد تحت شعار “من أجل قضاء إفريقي مستقل” يجسد الرغبة في ترسيخ أسس عدالة حديثة،تستند إلى معايير موضوعية في الأداء والنجاعة دون الإخلال بخصوصيات الأنظمة القضائية الوطنية.
وفي سياق متصل،ذكر عبد النباوي بأن دستور المملكة المغربية لسنة 2011 أسس السلطة القضائية كسلطة مستقلة وجعل من جلالة الملك ضامنا لاستقلال القضاء منيطا بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية مهمة حماية استقلال القضاة والسهر على ضمانات ممارستهم لمهامهم.
وأشار كذلك إلى أهمية التفاعل مع التجارب الدولية الناجحة،ودراسة الممارسات الفضلى في إدارة الأنظمة القضائية من خلال التفكير في إنشاء لجنة إفريقية لفعالية العدالة،تعنى بإعداد دراسات تقييمية حول أداء الأنظمة القضائية بالدول الأعضاء ووضع مؤشرات للنجاعة القضائية على غرار اللجنة الأوروبية لفعالية العدالة (CEPEJ).
إن خطاب عبد النباوي يعكس وعيا عميقا بالإكراهات الجديدة التي تفرضها التحولات التكنولوجية على منظومة العدالة ويؤسس لمرحلة تفكير استراتيجي تتقاطع فيها مبادئ استقلال القضاء مع متطلبات الرقمنة.فتبني الذكاء الاصطناعي في القضاء يجب ألا يكون فقط خطوة تقنية،بل يستلزم إطارا قانونيا وأخلاقيا واضحا، يراعي حقوق المتقاضين ويضمن الشفافية والعدالة في القرارات الصادرة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button