الذكاء الاصطناعي يلوح في الأفق لتصحيح امتحانات رجال التعليم

يترقب رجال التعليم تحولًا قد يخفف عبئًا كبيرًا من مهامهم، يتعلق الأمر بواجب تصحيح الفروض والامتحانات الذي يستنزف وقتًا وجهدًا كبيرين ويؤثر سلبًا على مردودهم التربوي، حيث من المتوقع أن يتولى الذكاء الاصطناعي هذه المهمة في المستقبل القريب.
هذا ما أكده الرئيس السابق لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، الدكتور جعفر خالد الناصري، خلال ندوة عقدت أمس الاثنين بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، وتناولت تداعيات تنامي الذكاء الاصطناعي على قطاعي الثقافة والتعليم. وشدد الدكتور الناصري على أن “زمن قضاء ساعات طويلة في تصحيح الامتحانات قد ولى”.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي بات يمتلك القدرة على إعداد نصوص الامتحانات وصياغة الأسئلة الموضوعية، خاصة في اختبارات الاختيار من متعدد (QCM)، بالإضافة إلى إمكانية التصحيح التلقائي لهذه الاختبارات.
وأضاف: “ببساطة؛ أصبح بإمكان الطلاب إدخال إجاباتهم على أجهزتهم اللوحية، وبعد خمس دقائق فقط من انتهاء الامتحان، يحصل الطالب على تقييمه دون الحاجة لانتظار عملية التصحيح التقليدية”.
وأكد الأكاديمي على أن تأثير الذكاء الاصطناعي سيمتد ليشمل جميع مستويات التعليم، بدءًا من المرحلة الابتدائية وصولًا إلى التعليم العالي، وأن هذا التأثير “لن يقتصر على الاختبارات والامتحانات فحسب، بل سيمتد ليشمل حتى طريقة التدريس نفسها”.
بيد أن الدكتور الناصري نبه إلى ضرورة التعامل بحذر مع هذه التقنيات الجديدة، مستشهدًا بتجربة السويد التي كانت سباقة في تزويد جميع طلابها بالأجهزة اللوحية، لكنها تراجعت عن هذه الخطوة مؤخرًا بعد أن تبين أن التلاميذ، خاصة في المراحل الابتدائية، لم يعودوا يتعلمون بشكل فعال.
وخلص إلى أن الذكاء الاصطناعي، بقدر ما يقدم حلولًا مبتكرة، فإنه يطرح تحديات تعليمية حقيقية، مما يستدعي الحاجة إلى “ذكاء تربوي” وتفكير معمق قبل اتخاذ أي خطوات عملية في هذا السياق.
من جانبه، حذر أمين منير العلوي، العضو بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، خلال الندوة ذاتها، من الاستعانة المفرطة للتلاميذ والطلبة بخدمات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن “هذا ليس أمرًا سيئًا في حد ذاته، شريطة أن تكون هناك مساهمة فعلية من الطلاب في إنجاز العمل وليس الاعتماد عليه بشكل كلي”.
وأكد الخبير على أن “المشكلة تكمن في أنه عندما ندرس، فإننا نتعلم أيضًا كيفية العمل وطريقة التفكير، وسبل التربية وغيرها… والذكاء الاصطناعي أداة رائعة للمساعدة في كل هذه المهام، لكن لا يجب أن يُطلب منه القيام بكل شيء”.
وأضاف: “الآن، إذا سألنا طالبًا متى وقعت معركة ما أو متى تم اختراع شيء ما، فإن الذكاء الاصطناعي سيوفر له الإجابة مباشرة، وبالتالي لن يفكر الطالب بل سيكتفي بنسخها، مما يؤدي إلى فقدانه القدرة على التفكير النقدي والتحليل”.
وكشف العلوي عن أن المؤشر الذي دق ناقوس الخطر بشأن هذه النزعة الاتكالية على الذكاء الاصطناعي هو عامل اللغة في الإجابات، موضحًا أن “لغة بعض الإجابات تكون مثالية وتفوق المستوى اللغوي لطلابنا، لأن الطلاب في المغرب للأسف ليسوا جيدين جدًا في اللغات، سواء اللغة العربية أو الفرنسية أو الإنجليزية”.
وختم قائلًا: “عندما نحصل على إجابة مصدرها الذكاء الاصطناعي، فإن لغة الإجابة تكون خالية من الأخطاء وشائبة، حتى أننا عثرنا على مصطلحات لا يعرفها الطلاب عمومًا، وهذا يعد استخدامًا غير ذكي من الناحية الإنسانية”.