جنوب إفريقيا تتوجس من تصنيف أمريكي محتمل لـ”البوليساريو” كمنظمة إرهابية

سلطت صحيفة “مايل آند غارديان” الجنوب إفريقية الضوء على القلق المتزايد في بريتوريا إزاء احتمال تصنيف الإدارة الأميركية لجبهة “البوليساريو” كـ “تنظيم إرهابي”. وتأتي هذه المخاوف في ظل تضاؤل الدعم الدولي للطرح الانفصالي الذي تروج له الجبهة بدعم من الجزائر، وبروز الإجماع شبه الدولي على وجاهة مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية.
ويزيد من هذا التوجس الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين واشنطن وبريتوريا، عقب طرد الولايات المتحدة لسفير جنوب أفريقيا، إبراهيم رسول، الشهر الماضي بسبب مقال اتهم فيه الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، بـ “قيادة حركة عنصرية بيضاء”. وقد وصف وزير الخارجية الأميركي حينها، ماركو روبيو، رسول بأنه “سياسي مثير للفتنة العنصرية”.
وترى الصحيفة الجنوب إفريقية أن هذه الأزمة الناشئة قد تحمل تداعيات أبعد من أسبابها المباشرة، خاصة وأن جنوب أفريقيا تعتبر من الدول القليلة التي لا تزال تدعم “البوليساريو”، بينما تدعم الولايات المتحدة حلًا للنزاع على أساس مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
ونقل موقع “الصحيفة” المغربي عن الباحثة في مركز السلام والأمن في الشرق الأوسط بمعهد هدسون، زيب ريبوع، إشارتها إلى أن بريتوريا تتخوف من التأثير المرتقب للقرار الأميركي المحتمل على “جهود مناصرة وجمع التبرعات للجبهة ولغيرها من الجماعات الصحراوية في جنوب إفريقيا”.
ورجحت الباحثة أن تضطر السلطات في جنوب أفريقيا إلى مراجعة موقفها الداعم للجبهة الانفصالية، خشية من عقوبات أميركية محتملة في حال صنفت واشنطن “البوليساريو” منظمة إرهابية، مع توقعها باستمرار بعض المنظمات في دعم الانفصاليين بشكل سري تحت ذريعة التضامن.
وأشار المصدر نفسه إلى أن بعض أعضاء الكونغرس الأميركي، المنتمين إلى الحزب الجمهوري، يرون أن تصنيف جبهة “البوليساريو” كمنظمة إرهابية أجنبية هو أفضل وسيلة لتسريع حل نزاع الصحراء عبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. ويرى مسؤولون أميركيون أن هذه الخطوة المنتظرة ستدعم سيادة المغرب على صحرائه وتقوض دور الجبهة الانفصالية وتضع حدًا لدعم الدول التي توفر الغطاء السياسي لقياداتها، وعلى رأسها الجزائر وجنوب إفريقيا.
وفي سياق متصل، نقل موقع “سيت أنفو” عن رشيد لزرق، الخبير في القانون الدستوري المتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية، أن “المدخل الحقيقي لحل نزاع الصحراء المغربية، هو اتجاه إدارة ترامب إلى تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية”. وتوقع أن يشكل هذا القرار، في حال اتخاذه، “تحولًا جوهريًا في النزاع حول الصحراء المغربية”، لأنه سينهي المناورات الجزائرية الهادفة إلى إطالة النزاع واستخدام “البوليساريو” كأداة لتحقيق مصالحها الإقليمية.
وأضاف لزرق أن “هذا التصنيف المحتمل قد يُحدث ضغطًا دبلوماسيًا وقانونيًا غير مسبوق على الجزائر، مما يدفع نحو حلول سياسية واقعية تتماشى مع المقترح المغربي للحكم الذاتي”.
وتعتبر جنوب إفريقيا من الدول القليلة في القارة التي أبدت دعمًا للطرح الانفصالي، منسجمة بذلك مع موقف الجزائر التي تعتبر المحرك الرئيسي لإطالة أمد النزاع حول الصحراء المغربية، وهو موقف يثير استغراب العديد من المراقبين بالنظر إلى عدم وجود أي ارتباط مباشر لبريتوريا بالقضية.
ويشعر مسؤولون في بريتوريا بخيبة أمل كبيرة إزاء الانتصارات الدبلوماسية المتتالية التي حققها المغرب في قضية الصحراء المغربية، والتي تتجلى في اتساع قائمة الدول الداعمة لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع، وفقًا لتقرير سابق نشره معهد الدراسات الأمنية الجنوب إفريقي.
وقد طالبت عدة شخصيات نافذة في جنوب أفريقيا مرارًا بضرورة مراجعة الموقف الرسمي لبلادهم بشأن قضية الصحراء المغربية، بما يفتح صفحة جديدة في العلاقات مع المغرب، الذي رسخ مكانته كقوة اقتصادية وعسكرية إقليمية. ويرى رجال أعمال جنوب أفريقيون أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، الذي تكبد أسوأ هزيمة انتخابية في تاريخه مؤخرًا، قد أهدر فرصة إقامة شراكة وتعاون مثمر مع المغرب بسبب سياسته “الخاطئة” في هذه القضية التي يعتبرها المغرب معيارًا أساسيًا في تقييم علاقاته مع الدول الأخرى.