أخبارأخبار سريعةإفريقياالعلوم والتكنولوجيا

مقاولات أفريقية تحول الهواتف الذكية إلى أدوات للتعلم المبكر

في ظل الانتشار المتزايد للوسائط الرقمية في حياة الأطفال الأفارقة منذ سن مبكرة، تتصاعد المبادرات المبتكرة التي تسعى إلى تحويل شاشات الهواتف الذكية والألواح الإلكترونية إلى وسائل فعالة للتعلم واكتساب المعرفة.

وتكتسب هذه الدينامية زخمًا خاصًا في القارة الأفريقية، حيث تبرز مقاولات ناشئة واعدة تراهن بقوة على التكنولوجيات الحديثة لمواجهة التحديات المعقدة التي يطرحها قطاع التعليم في القارة السمراء.

وفي سياق يتميز بتفاوت فرص الولوج إلى تعليم جيد ومناسب، تقدم هذه المقاولات الناشئة أدوات رقمية مبتكرة تتلاءم بشكل خاص مع واقع القارة الأفريقية، بهدف جعل الرقمنة وسيلة قوية لتنمية القدرات الإدراكية للأجيال الصاعدة وتمكينهم من اكتساب المهارات الأساسية في مجالات التكنولوجيا الحديثة.

وتعد الشركة المغربية الناشئة “Mobdie” مثالًا حيًا على الرغبة في الابتكار من أجل الأطفال ومعهم، وذلك من خلال تطوير منتجها المتميز “Mobdie Box”، وهي عبارة عن صناديق تعليمية تفاعلية مصممة خصيصًا لتعريف الأطفال بأساسيات الرقمنة والبرمجة بطريقة ممتعة وشيقة، بالإضافة إلى مفاهيم الذكاء الاصطناعي الأولية.

وفي هذا الصدد، أوضح المؤسس المشارك لمقاولة “Mobdie”، محمد السلاوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “صناديقنا التعليمية مصممة لجعل التكنولوجيا في متناول الأطفال بطريقة ممتعة وتفاعلية، حيث يمكنهم، على سبيل المثال، بناء روبوت بسيط، أو برمجة حركات أساسية للروبوت، أو استكشاف المفاهيم الأولية للذكاء الاصطناعي بطريقة مبسطة”.

وأضاف هذا المقاول المغربي الشاب، خلال لقاء على هامش فعاليات معرض “جيتكس إفريقيا 2025” الذي أقيم في مراكش في الفترة من 14 إلى 16 أبريل، أن الفكرة الأساسية تتمثل في تنمية المهارات التطبيقية لدى الأطفال بالتوازي مع تحفيز فضولهم الطبيعي وحبهم للاستكشاف. وأشار إلى أن كل صندوق تعليمي يتم إرفاقه بدليل مصور شامل وفيديوهات تعليمية مبسطة لتسهيل عملية التعلم.

وأكد أن هذه المقاربة التربوية المبتكرة، القائمة على مفهوم “التعلم عبر الممارسة والتجربة”، تستقطب اهتمام الآباء بشكل متزايد، بالإضافة إلى المربين والمعلمين الذين يسعون إلى تجديد أساليبهم التربوية التقليدية باستخدام أدوات عملية وملموسة تجعل عملية التعلم أكثر جاذبية وفعالية.

وينطبق الأمر ذاته على المقاولة النيجيرية الناشئة “eLimu”، التي كانت حاضرة أيضًا في معرض “جيتكس إفريقيا 2025” بمراكش، والتي قامت بتطوير منصة رقمية تفاعلية مبتكرة متاحة عبر أجهزة الحاسوب أو الألواح الرقمية أو الهواتف الذكية، وموجهة بشكل أساسي للأطفال في الفئة العمرية ما بين 4 و8 سنوات.

وفي هذا السياق، قالت بريدجيت إيير، المسؤولة عن المنتج والعمليات بالمقاولة النيجيرية، “نحن نستخدم أسلوب اللعب والتفاعل لتحفيز مشاركة الأطفال وتعزيز المهارات الأساسية التي ينبغي عليهم اكتسابها في هذه المرحلة العمرية الهامة”، مضيفة أن كل درس تعليمي تم تصميمه بعناية فائقة لجذب انتباه الطفل والحفاظ على تركيزه، وفي نفس الوقت العمل على تقوية مكتسباته المعرفية والمهارية.

وأشارت إلى أن التطبيق يدمج عناصر رسومية متحركة جذابة، ومجموعة متنوعة من الألعاب المصغرة التفاعلية، واختبارات تقييمية مدمجة، ونظام مكافآت افتراضية يشجع الأطفال على التقدم المستمر في عملية التعلم. كما يوفر التطبيق نظام تتبع للنتائج بشكل آني، مما يسمح للآباء والمعلمين بقياس أداء الأطفال، وتحديد نقاط القوة والضعف لديهم، وتخصيص الدعم والمواكبة التعليمية اللازمة بشكل فعال.

وتروم منصة “eLimu”، حسب مطوريها، الاستجابة لتحديين رئيسيين يواجههما قطاع التعليم في أفريقيا: تحسين فرص الولوج إلى تعليم جيد وعالي الجودة، خاصة في المناطق القروية النائية، وخلق تجربة رقمية تعليمية جذابة وممتعة تتماشى مع استخدامات واهتمامات الأجيال الجديدة من الأطفال.

من جانبه، شدد أيوب المرابطين، مؤسس الحل الرقمي المبتكر “New Leaders Academy”، والذي تمت دعوته للمشاركة في فعاليات معرض “جيتكس إفريقيا” من قبل “Digital Lab”، وهي منصة رائدة لتطوير الحلول الرقمية الموجهة خصيصًا للقطاع البيداغوجي، والتي تعد ثمرة شراكة استراتيجية بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وصندوق الإيداع والتدبير، على الأهمية القصوى لاعتماد مقاربة تكنولوجية متطورة تتلاءم بشكل فعال مع تعليم الأطفال، خاصة خلال مرحلة التعليم الأولي الحاسمة.

وأشار إلى أن الأطفال في هذه المرحلة العمرية المبكرة يمكنهم التعلم بشكل أفضل وأكثر فعالية من خلال الترفيه والتفاعل باستخدام وسائل تعليمية تفاعلية، مثل الوحدات التعليمية التي تركز على الحيوانات وتجمع بين الأصوات والصور والمحاكاة البيداغوجية التفاعلية، على سبيل المثال.

من جهة أخرى، أبرز المرابطين انخراط “New Leaders Academy” في مبادرة واعدة تقودها منصة “Digital Lab”، والتي تهدف إلى انتقاء حوالي أربعين مقاولة ناشئة مغربية متخصصة في مجال التعليم الرقمي من أجل اختبار حلولها المبتكرة في مؤسسات تعليمية عمومية، وذلك من خلال عملية اختيار دقيقة وشاملة.

وأكد أن “هذه الشراكة الهامة بين القطاعين العام والخاص تهدف بشكل أساسي إلى اختبار الأثر الحقيقي للابتكارات الرقمية على أرض الواقع وتقييم فعاليتها في تحسين جودة التعليم، وذلك قبل تعميمها المحتمل على المستوى الوطني”.

وبفضل جيل شاب مبادر ومجموعة من الشراكات الطموحة بين القطاعين العام والخاص، أصبحت الابتكارات الرقمية في مجال التعليم في أفريقيا واقعًا ملموسًا يحمل في طياته آفاقًا واعدة لمستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة، حيث لم يعد التعلم بطريقة مختلفة ومبتكرة مجرد ترف، بل ضرورة حتمية لمواكبة تحديات العصر.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button