الأمن الاقتصادي محور ندوة مشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومجلس المنافسة بمعرض الكتاب

أكدت ندوة مشتركة نظمت أمس الثلاثاء في الرباط، ضمن فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، على الدور الحيوي الذي يضطلع به القضاء في تعزيز وترسيخ الأمن الاقتصادي في المملكة المغربية. وقد جمعت هذه الندوة الهامة ممثلين عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومجلس المنافسة لمناقشة هذه القضية المحورية.
وفي كلمتها خلال الندوة، أبرزت رئيسة قطب القضاء المتخصص بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، خديجة بنجلون، أن عمل المجلس يعكس رؤية إصلاحية شاملة ومتكاملة تنسجم بشكل وثيق مع متطلبات بيئة الأعمال والاستثمار. وأشارت إلى أن تطوير أداء المحاكم التجارية والإدارية يعتبر ورشًا إصلاحيًا مستدامًا، خاصة في ظل سعي المغرب الحثيث لتعزيز موقعه كقطب اقتصادي إقليمي ووجهة استثمارية متميزة على الصعيد الأفريقي، الأمر الذي يجعل من النجاعة القضائية دعامة أساسية لتحقيق هذا الطموح الوطني.
وشددت بنجلون على أن القضاء يمثل لبنة أساسية في هذا المسار التنموي الشامل، مؤكدة أن تحقيق التنمية بأبعادها المختلفة يظل مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بتكريس مبدأ سيادة القانون وتحقيق الأمن القانوني والقضائي، مما يجعل القضاء الإداري والقضاء التجاري يضطلعان بدور محوري في تحقيق هذه التنمية المستدامة.
وأضافت أن القضاء الإداري يلعب دورًا هامًا في تعزيز ثقة المواطنين في المرفق العمومي من خلال ترسيخ مبدأ المشروعية في تدبير الشأن العام، بينما يقوم القضاء التجاري بدور أساسي في تعزيز ثقة الفاعلين الاقتصاديين وطمأنتهم من المخاطر المحتملة التي قد تنشأ عن الممارسات الاقتصادية غير المشروعة، وذلك من خلال ما يوفره الأمن القضائي من استقرار في المعاملات التجارية وحماية للرأسمال المنتج.
من جانبه، أكد الأمين العام لمجلس المنافسة، محمد أبو العزيز، أن دستور المملكة يرسخ دعائم النظام الاقتصادي الذي تنهجه البلاد من خلال مجموعة من العناصر الأساسية، من أبرزها ضمان حرية المقاولة والمبادرة، وحماية حرية الملكية، وتكريس حرية المنافسة، بالإضافة إلى مبدأ الحكامة الجيدة والمساواة في الحقوق الاقتصادية، ومبدأ تمتع الجميع بالحرية والكرامة والمساواة، وهي مبادئ أساسية تبني النظام العام الاقتصادي.
وأضاف أن هذه القواعد القانونية تسمح لكل فرد بتحقيق مصالحه الشخصية كمستثمر في النظام الاقتصادي بهدف تحقيق الأرباح المشروعة، ولكن في إطار عدم المساس بحرية الآخرين، بما يضمن انفتاح الأسواق على جميع المبادرات الاقتصادية، وخلق حركية ودينامية اقتصادية تعود بالنفع على الفاعلين الاقتصاديين من خلال تحقيق الأرباح المستحقة، وعلى المستهلك من خلال توفير المنتجات والخدمات التي يحتاجها بجودة عالية وأسعار مناسبة، وعلى الاقتصاد الوطني برمته من خلال خلق دينامية اقتصادية مستدامة، وتوفير فرص العمل، وأداء الضرائب، وبالتالي المساهمة الفعالة في النمو الاقتصادي الشامل.
بدوره، اعتبر الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية بطنجة، محمد ملجاوي، أن القضاء التجاري يتميز بطابعه السريع في الأداء، وذلك نظرًا لطبيعة القضايا التي يتعامل معها والتي ترتكز على السرعة في إنجاز المعاملات التجارية. وأشار إلى أن المشرع المغربي قد حدد آجالًا دقيقة للتعامل مع القضايا التجارية بما يتناسب مع خصوصية مجال الأعمال والاستثمار، مؤكدًا أن مدونة التجارة تتضمن مقتضيات خاصة بالتجار والأعمال التجارية تراعي هذه الخصوصية.
وفي السياق ذاته، أكد رئيس المحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط، حميد ولد البلاد، أن القضاء الإداري يعتبر قضاءً ذا نزعة حقوقية بامتياز، نظرًا للسياق الخاص بإنشائه وتزامنه الزمني مع إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، استنادًا إلى الخطاب الملكي السامي بتاريخ 08 ماي 1990. وأضاف أن الممارسة القضائية لدى المحاكم الإدارية تؤكد هذه النزعة الحقوقية من خلال إعمالها للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والمبادئ العامة للقانون في اجتهاداتها القضائية.
أما رئيس قطب التكوين المستمر والتكوين في مجال الإدارة القضائية بالمعهد العالي للقضاء، رشيد حوبابي، فأشار إلى أن قانون حرية الأسعار والمنافسة يهدف بشكل أساسي إلى ضمان منافسة مشروعة ونزيهة دون المساس بحرية التجارة المشروعة، مبرزًا أن الغاية الأساسية لهذا القانون هي إلزام المنشآت والشركات باحترام قواعد المنافسة الشريفة والمنضبطة للقانون وسياسة الدولة الاقتصادية.