رَقْصَةُ طُقُوسِ النَّحْرِ

رَقْصَةُ طُقُوسِ النَّحْرِ
عَلَى بُعْدِ أَيَّامٍ مِنَ المَدِينَةِ،
سَمِعَ صَخَبًا،
كَأَنَّهُ هَذَيَانٌ يَتَسَرَّبُ مِنْ شُقُوقِ الأسوار،
أَبْوَابُهَا مُشْرَعَةٌ…
على أعْتابِ الصَّمْتِ والمَوْتِ،
دَخَلَهَا.
فِي سَاحَاتِهَا،
كَانُوا يُقِيمُونَ طُقُوسَ نَحْرِ العُقُولِ،
يُرتِّلون تَرَانِيم الخَاضِعينَ لِلجَماعَةِ،
الحِكْمَةُ مُعَلَّقَةٌ كَجَسَدٍ مَصْلُوبٍ
عَلَى مشانق مِنْ وَهْمٍ،
وَالحَصَافَةُ مَرْمِيَّةٌ تَنْهَشُهَا الغِرْبَانُ،
وَهُمْ يَرْقُصُونَ حَوْلَهَا…
ضَحِكٌ عَارٍ، وَنَشْوَةٌ مِنْ سُفْهٍ دَفِينٍ.
اِقْتَرَبَ،
فَمَنَعُوهُ.
قَالُوا: :لَا تُفْسِدْ عَلَيْنَا شعائرنا”.
وَكَانَ آخَرُونَ،
كَتَمَاثِيلَ نُصِبَتْ بِوُجُوهٍ إِلَى الجُدْرَانِ،
صَامِتُونَ…
كَأَنَّهُمْ يُؤَدُّونَ كَفَّارَةً،
أَوْ يَخْشَوْنَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِمْ عُيُونُ الجُدْرَانِ،
أو صِبيانٌ عاقّون مُعاقَبون يتَوَقَّعُونَ السَّوْطَ.
بِمَشَقَّةِ نَفْسٍ،
وَبَعْدَ اسْتِنْطَاقٍ طَوِيلٍ،
كُسِرَتْ فِيهِ كَرَامَتُهُ،
أُخْرِجَ مَطْرُودًا مِنَ المَدِينَةِ،
يَنْفُضُ الغُبَارَ عَنْ ظِلِّهِ.
قِيلَ لَهُ:
إِنَّهُمْ بَاعُوا أَرْوَاحَهُمْ
بِرَغِيفِ طُمَأْنِينَةٍ بَائِسَةٍ،
وَأَكْثَرُهُمْ قُلُوبُهُمْ مُضَلَّلَةٌ،
أَدَارُوا السَّمْعَ لِلْفَرَاغِ،
فَأَضَاعُوا ظِلَّ الطَّرِيقِ.
قَبِلُوا بِالحَجْرِ،
وَاعْتَنَقُوا السَّفَاهَةَ مَذْهَبًا،
سَلَّمُوا أَعْنَاقَهُمْ لِأَوْهَامٍ تُشْبِهُ الأَوْلِيَاءَ،
وَصَدَّقُوا البُهْتَانَ،
وَتَوَعَّدُوا كُلَّ مَنْ خَالَفَ
بِالجَحِيمِ.
أَقَامُوا مَآتِمَ
عَلَى نَخْبِ مَنْ قَاوَمَ،
وَسَكِرُوا حَتَّى الغِيَابِ،
مَعَ الَّذِينَ هَرَبُوا لِلذُّعْرِ
وَلِلْخُنُوعِ وَالعُهْرِ.
تَأَلَّمَ…
كَانَ يَوَدُّ
لَوْ كانَ بَيْنَهُم رَاجِحًا،
نَاجِيًا مِنْ سَقَطَاتِ مَنْ سَارُوا قَبْلَهُ
نَحْوَ الهَاوِيَةِ…
*كل الشكر والإمتنان لأصدقاء الكلمة الذين رافقوا هذا النص في رحلته نحو الضوء.
عبداللطيف زكي.. ترييْز-سپتيي، في 23 أبريل 2025