الماء في صلب التنمية المستدامة و حضور قوي للاتحاد الأوروبي بالملتقى الدولي للفلاحة

مكناس – ابو محمد
في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها ندرة المياه على المستوى العالمي، وضع الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب في دورته السابعة عشرة، المنعقد حاليًا بمكناس تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، قضية الماء في صلب النقاشات والفعاليات، وذلك بهدف رئيسي هو تحفيز الابتكار المائي في القطاع الزراعي الحيوي.
ويأتي انعقاد هذه الدورة تحت شعار “الفلاحة والعالم القروي: الماء في قلب التنمية المستدامة”، في سياق عالمي يتميز بتصاعد حدة الإجهاد المائي والتصحر وتداعيات التغيرات المناخية، بالإضافة إلى التنافس المتزايد بين مختلف الاستخدامات للمياه. ولم يعد يُنظر إلى الماء في القطاع الفلاحي على أنه مجرد عنصر من عناصر الإنتاج، بل أضحى يشكل تحديًا حقيقيًا لتحقيق السيادة الغذائية وركيزة أساسية للاستقرار في المناطق القروية وعاملًا هيكليًا في تحقيق التوازنات المجالية المنشودة.
ويستقطب الملتقى الدولي للفلاحة 2025، الذي يمتد على مساحة شاسعة تقدر بـ 370 ألف متر مربع ويشارك فيه 1500 عارض يمثلون 70 دولة، نخبة من الخبراء والفاعلين والمقررين وممثلي المؤسسات والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم. ويهدف الملتقى إلى تسليط الضوء على أحدث الابتكارات في مجال الإدارة العقلانية للموارد المائية، سواء كانت تقنيات متطورة، أو أساليب تنظيمية مبتكرة، أو حتى معارف تقليدية تم تحديثها لتناسب التحديات المعاصرة.
وبالنسبة للمغرب، يكتسي هذا الموضوع أهمية قصوى، حيث يندرج في صلب البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي للفترة 2020-2027، والذي يهدف إلى تأمين الحصول على الماء وتحسين كفاءة استخدامه، خاصة في المناطق القروية الأكثر عرضة لآثار نقص المياه. كما يتماشى موضوع الدورة الحالية بشكل وثيق مع أهداف استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، التي تربط بين تحديث القطاع الفلاحي وتعزيز النمو الشامل، مع التركيز بشكل خاص على تثمين الموارد المائية، وتبني ممارسات زراعية قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية، وتحقيق التنمية المستدامة في المجالات القروية.
وتتصدر الابتكارات الحديثة قائمة النقاشات والعروض العملية التي يشهدها الملتقى، وتشمل تقنيات الري الدقيق، وتجميع مياه الأمطار، وإعادة استخدام المياه المعالجة بعد معالجتها، بالإضافة إلى تطبيقات الزراعة الرقمية والذكية مناخياً.
وتتميز هذه الدورة بحضور الجمهورية الفرنسية كضيف شرف، مما يتيح فرصة قيمة للاستفادة من تجربتها الرائدة في مجال الإدارة المستدامة للمياه في القطاع الزراعي، وترشيد استعمال مياه السقي، وتبني ممارسات الزراعة الإيكولوجية. وتندرج هذه الدعوة في إطار تبادل المعارف ونقل التقنيات المبتكرة وتعزيز التعاون المشترك لمواجهة أحد أهم التحديات التي تواجه عالمنا اليوم.
– مشاركة بارزة لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP):
تحضر مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، الرائد العالمي في صناعة الفوسفاط والأسمدة والملتزم بالبحث والابتكار، بقوة في فعاليات الملتقى. وتقترح المجموعة نموذجًا متكاملًا لمواجهة التحدي المزدوج المتمثل في الاستدامة والأمن الغذائي العالمي، يرتكز على العلم والابتكار والمعرفة الصناعية والرقمنة والتكنولوجيا والمواكبة المجتمعية.
ويركز حضور OCP في المعرض على أربعة محاور رئيسية: حماية صحة التربة، وترشيد استخدام المياه، وعزل الكربون، ودعم نساء ورجال القطاع الفلاحي. وتتبنى المجموعة استراتيجية شاملة للتسميد المستدام (“4Rs”) وتعمل شركتها التابعة OCP Green Water (OGW) على تعزيز السيادة المائية من خلال إنتاج المياه من مصادر غير تقليدية. كما تولي المجموعة اهتمامًا بالغًا بمشروع “تربة” الرائد في مجال الزراعة الكربونية.
– اتفاقية بحثية لإنتاج الأعلاف البديلة بتادلة:
شهد الملتقى توقيع اتفاقية بحث تطبيقي بين المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتادلة والمعهد الوطني للبحث الزراعي، تهدف إلى إنتاج أعلاف بديلة لتنمية مستدامة ومرنة لقطاع تربية المجترات بالمنطقة في ظل التغيرات المناخية.
– حضور قوي للاتحاد الأوروبي:
يشارك الاتحاد الأوروبي ببرنامج ثري يركز على الحفاظ المستدام على الموارد المائية في القطاع الفلاحي، وذلك في إطار الشراكة الخضراء بين المغرب والاتحاد الأوروبي. ويتضمن البرنامج محاضرات وورش عمل حول الحفاظ على الموارد الطبيعية وتثمين المياه العادمة المعالجة، بالإضافة إلى حصص إخبارية حول التشريعات الأوروبية وفرص الولوج إلى السوق الأوروبية. وقد أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب على التزام الاتحاد بدعم الإصلاحات الطموحة للمغرب في قطاع الفلاحة وتعزيز التعاون المشترك لمواجهة تحديات الماء والمناخ.
ويمثل الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس محطة هامة لتعزيز التبادلات وتوطيد الشراكات الدولية وتسليط الضوء على الإجابات العملية للتحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي، خاصة في ظل الأهمية المتزايدة لقضية ندرة المياه.