توقيف داعشي ببركان بتهمة إعداد مشروع إرهابي
تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من توقيف شخص (37 عاما) موالي لتنظيم “داعش” الإرهابي ينشط بمدينة بركان، للاشتباه في تورطه في التحضير والإعداد لمشروع إرهابي بغرض المساس الخطير بالنظام العام.
تشخيص وكشف معالم المشروع الارهابي
ووقع تشخيص هوية المشتبه فيه وكشف معالم مشروعه الإرهابي انطلاقا من أبحاث وتحريات تقنية مشتركة مع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي. مما يؤكد أن المملكة لا تزال “محط أطماع المنظمات الإرهابية” التي تسعى إلى “تنفيذ عمليات إرهابية خطيرة” داخل المغرب، و”التغرير بالمواطنين المغاربة للالتحاق بها”.
وباشرت عمليات التدخل وإجراءات التوقيف عناصر القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بتنسيق وإشراف ميداني من ضباط الشرطة القضائية العاملين بالمكتب المركزي للأبحاث القضائية.
وجرى الاحتفاظ بالمتطرف الموقوف تحت تدبير الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي) رهن إشارة البحث القضائي الذي يجريه المكتب المركزي للأبحاث القضائية تحت إشراف النيابة العامة المكلفة قضايا الإرهاب، وذلك للكشف عن كافة الأنشطة المتطرفة المنسوبة للمعني بالأمر، ورصد ارتباطاته المحتملة مع التنظيمات الإرهابية الموجودة داخل المغرب وخارجه، فضلا عن تحديد جميع ملامح المشروع الإرهابي الذي كان بصدد التحضير والإعداد لارتكابه فوق التراب المغربي.
مخاطر التهديد الإرهابي تتواصل بالمغرب
واعتبرت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني أن هذه العملية الأمنية، تؤشر “مرة أخرى على استمرار مخاطر التهديد الإرهابي التي تحدق ببلادنا، خصوصا في سياق حرص التنظيمات الإرهابية العالمية والأقطاب الجهوية المتفرعة عنها على الرفع من محاولاتها التي تستهدف أمن المملكة وسلامة مواطنيها، كما تجسد هذه العملية أيضا أهمية التعاون الثنائي المشترك والمتقدم مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف”.
ويُذكر أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، سبق له في سياق “التحريات الاستباقية لمواجهة التهديدات الإرهابية” التي تحيط بالمغرب، توقيف عنصر خطير موال لما يسمى ب”داعش” بتاريخ 8 دجنبر 2015 وينشط بمدينة بركان، كشفت التحريات مبايعته لأمير مزعوم لهذا التنظيم الإرهابي، كان في طور الإعداد لتنفيذ عمليات إرهابية نوعية بالمملكة، بتنسيق مع قادة ميدانيين ل”داعش” بالساحة السورية العراقية. كما تم تفكيك خلية أخرى في 26 دجنبر 2015، بعد اعتقال تركيين موالين ل”داعش” بمدينة وجدة، سبق لأحدهما أن أقام في أحد معسكراته الموجودة في ريف حماة بسوريا حيث تلقى تدريبات على استعمال الأسلحة الخفيفة والثقيلة. وأُعلن عن تفكيك خلية إرهابية في 13 أبريل 2015 تنشط في سلوان نواحي الناظور، مكونة من ستة أفراد “حاملين للفكر الجهادي”، خططوا لتنفيذ عمليات إرهابية نوعية في المملكة، من بينها “التصفية الجسدية لبعض الأشخاص المتهمين بتبني منهج عقائدي مخالف لهذا التنظيم الإرهابي”.
استراتيجية أمنية شاملة، مندمجة، ومتعددة الأبعاد.
ويعمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في إطار الاستراتيجية التي اعتمدتها المملكة منذ تفجيرات 16 ماي 2003، والتي ترتكز على مقاربة أمنية شاملة، مندمجة، ومتعددة الأبعاد محورها العمل الاستباقي.
وحقق نتائج إيجابية تتمثل في تفكيك ما مجموعه 86 خلية إرهابية منذ إنشائه، منها 80 خلية إرهابية على علاقة وطيدة بتنظيم “داعش”، وستة خلايا أخرى تنشط في ما يطلق عليه “الاستحلال والفيء” أي أن التنظيمات الإرهابية تقوم بالسطو والسرقة وانتزاع الأموال من أشخاص يعتبرونهم كفارا ويضفون عليها الصفة الشرعية لاستغلالها.
وقام، منذ إنشائه، بتوقيف وتقديم 1400 شخص للعدالة، من بينهم 56 من ذوي السوابق القضائية في إطار قضايا الإرهاب، و35 قاصرا و14 امرأة.
وباعتباره الذراع القضائي للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، فإن مجال اختصاصه وطني، كما أن المشرع حدد مجال اشتغاله بموجب المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية ومن اختصاصاته جرائم الإرهاب والعصابات الإجرامية والجرائم التي تمس بأمن الدولة، الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية و الاختطاف واحتجاز الرهائن، وكذا جرائم حماية الصحة العامة والأسلحة والذخيرة والمتفجرات والقتل والتسميم.
جهد أمني كبير بتدخلات استباقية
وتندرج عملياته في إطار المجهودات المبذولة من طرف المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وبناء على المعلومات القيمة والدقيقة التي توفرها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، التابع لها المكتب المركزي للأبحاث القضائية. وفي إطار الجهود المبذولة من طرف المصالح التابع للمديرية، يتم تحليل تلك المعلومات واستغلالها استغلالا جيدا، وهي التي تأتي في وقتها من خلال تتبع ورصد كل ما من شأنه أن يؤدي الى درء الخطر الإرهابي، وإيقاف الأشخاص ذوي التوجهات العقائدية المتطرفة، بالإضافة إلى التنسيق الأمني الوثيق بين جميع المصالح الأمنية الوطنية، كل في مجال اختصاصه.
واعتمد المغرب استراتيجية وطنية تقوم على العمل الاستباقي منذ عام 2013، تقوم على مقاربة أمنية شاملة ومتعددة الأبعاد، لا تعتمد على المجال الأمني فحسب، ولكن هناك مجالات أخرى كالمجال الديني، السوسيو-اقتصادي، القانوني، ساهمت في أن يتبوأ المغرب مكانة مرموقة على الصعيد العالمي وأن يصبح شريكا استراتيجيا في هذا المجال.
وانخرطت المملكة منذ أحداث 11 شتنبر 2001 بشكل لا مشروط وتام إلى جانب دول التحالف في محاربة الجريمة الإرهابية والارهاب والتطرف العنيف، ما جعلها تصبح هدفا للتنظيمات العالمية الارهابية، بالإضافة لأنه لا يمكن محاربة الإرهاب والتطرف العنيف إلا من خلال تعاون دولي وثيق.
وتولي المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، التابع لها المكتب المركزي، أهمية قصوى لمجال التعاون الأمني والاستخباراتي الدولي، من خلال تبادل المعلومات والتجارب وتقاسم الخبرات، وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى محاربة الظاهرة الارهابية، إضافة لأهمية التنسيق الأمني بين الأجهزة، والاستغلال الجيد للمعلومة، والإخلاص في العمل، والاستمرارية واليقظة والعمل الاستباقي والتعاون الدولي.
وتعتبر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، شريكا استراتيجيا، لأن دور المملكة لا ينحصر في محاربة الإرهاب محليا أو وطنيا بل يمتد لخارج المغرب، لأن التعاون الدولي للمغرب يشمل جميع شركائه في أوروبا والعالم العربي وإفريقيا والولايات المتحدة التي تربطها بالمغرب شراكات جد متميزة توجت بتفكيك عدة الخلايا، كخلية 25 مارس 2021 التي تم تفكيكها بمدينة وجدة، بفضل تعاون بين مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وأجهزة الاستخبارات الأمريكية إضافة للعملية الأخيرة ببركان.
التنظيمات الإرهابية تمتدنشاطاتها إلى منطقة الساحل
وتهدد المغرب تحديات أمنية مخاطرها كبيرة، نفسها تهدد الدول المغاربية ومنطقة الساحل والصحراء وكل دول العالم، خاصة وأن منطقة الساحل أصبحت حاليا ملاذا خصبا وآمنا ومرتعا للتنظيمات الإرهابية، خاصة بعد اندحار “داعش” بالمنطقة وأيضا بسوريا العراق.
ونقلت التنظيمات الإرهابية نشاطاتها إلى منطقة الساحل، بعد تلقيها لضربات موجعة من طرف دول التحالف، حيث كانت تتواجد وتتواجد حاليا تنظيمات أخرى ك”حركة التوحيد والجهاد” في غرب إفريقيا و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم “القاعدة”، وتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” الذي يتبع بدوره لتنظيم “القاعدة”.
وتشكل مخيمات تندوف خطرا كبيرا كذلك، حيث تتواجد الجبهة الانفصالية “البوليساريو”، التي ثبت التحاق العديد من عناصرها بهذه التنظيمات، وسبق أن كان هناك أكثر من مائة عنصر من “البوليساريو” التحقت بالتنظيمات الإرهابية، لاسيما تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، والجزائر لا تتعاون في هذا المجال، ما يشكل خطرا على الجزائر نفسها وعلى المنطقة برمتها، ويفسح المجال للتنظيمات الإرهابية للتوسع والنشاط بكثافة، خاصة وأن منطقة الساحل الشاسعة هي منطقة تعرف هشاشة وحدود غير محكمة.
وتعي المملكة المغربية بهذه المسائل، وأن الأجهزة الأمنية المغربية والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وباقي الأجهزة يقظة وحذرة، وتضع في الحسبان أن الخطر يداهم دائما منطقة الساحل وجنوب الصحراء التي تنشط فيها التنظيمات الإرهابية.