مشروع القطار فائق السرعة القنيطرة-مراكش.. دفعة قوية للاقتصاد والنقل المستدام

يُعد مشروع إنجاز الخط السككي فائق السرعة الجديد الذي سيربط بين القنيطرة ومراكش، والذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس أمس بالرباط، بمثابة مشروع استراتيجي ذي أبعاد سوسيو-اقتصادية هامة، قادر على إحداث نقلة نوعية في منظومة النقل الوطنية وتعزيز جاذبية المملكة.
ففي ظل النجاح اللافت الذي حققه قطار “البراق” الرابط بين طنجة والقنيطرة، يبرز هذا المشروع الجديد كخيار نقل للأشخاص يتميز بالكفاءة والاستدامة على المستويات المتوسطة والطويلة، ويحمل في طياته العديد من الآثار الإيجابية على مختلف الأصعدة. وبفضل هذا الخط الجديد، ستتقلص مدة السفر بشكل ملحوظ لتصبح في حدود ساعة واحدة بين طنجة والرباط، وساعة و15 دقيقة فقط بين الدار البيضاء ومراكش، وساعة و40 دقيقة للربط بين طنجة والدار البيضاء وبين الرباط ومراكش، وصولًا إلى ساعتين و40 دقيقة للربط بين طنجة ومراكش، وهو ما يمثل ربحًا في الوقت يزيد عن ساعتين.
وعلاوة على ذلك، سيمكن هذا المشروع الحيوي من ربط العاصمة الرباط بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء في غضون 35 دقيقة فقط، مع تأمين ربط مباشر أيضًا بالملعب الكبير الجديد في بنسليمان. كما يُتوقع إطلاق خدمة فائقة السرعة ستربط بين مدينتي فاس ومراكش بمدة سفر تقدر بحوالي 3 ساعات و40 دقيقة.
ويمتلك هذا الخط فائق السرعة الجديد، الذي من المنتظر أن يغطي حوالي 59 بالمائة من الساكنة الوطنية ويربط بين جهات اقتصادية تساهم بأكثر من 67 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الوطني، إمكانية خلق الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وتحفيز دينامية النمو في العديد من القطاعات الحيوية كالصناعة والخدمات والسياحة.
كما سيساهم تمديد خط القطار فائق السرعة إلى مدينة مراكش في تعزيز جاذبيتها السياحية على الصعيدين الوطني والدولي، وذلك من خلال تسهيل الوصول إليها من مختلف مناطق شمال المملكة. وعبر ربطه المباشر بين طنجة، البوابة البحرية الرئيسية للمغرب، ومراكش، جوهرة السياحة المغربية، سيعمل هذا الخط الجديد على تعزيز التدفقات السياحية وتوفير تجربة سفر عصرية وسريعة ومريحة.
إضافة إلى ذلك، سيلعب المشروع دورًا هامًا في تهيئة وتطوير المجالات الترابية وضمان الربط الفعال بين الأقطاب الاقتصادية الكبرى في المملكة، مع الالتزام بمعايير الاستدامة البيئية من خلال تقليص ملحوظ في انبعاثات الغازات الدفيئة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
وبفضل تحرير القدرة الاستيعابية على الشبكة التقليدية الناتج عن تمديد الخط فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش، ستتاح الفرصة لتطوير خدمة قطارات القرب الحضرية، التي ستغطي جزءًا هامًا من احتياجات النقل الجماعي لسكان مدن الرباط والدار البيضاء ومراكش. وستوفر هذه الخدمة الجديدة العديد من المزايا على مستوى الالتزام بالمواعيد وجودة الخدمة والاستدامة، مما يجعلها استجابة حقيقية لتحديات التنقل الحضري في هذه المدن الكبرى.
وباعتباره حلاً مبتكرًا وعصريًا، يشكل خط القطار فائق السرعة خيارًا استراتيجيًا يعزز الدينامية التي يشهدها قطاع النقل الوطني، وذلك لمواكبة التطور المتسارع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.