أخبارالرئيسية

محمد أوزين في مؤتمر البيجيدي: السياسة أخلاق قبل أن تكون مواقع

بقلم: زهير أصدور

في لحظة سياسية موصوفة بالحذر والترقب، خطا محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، إلى منصة المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية ببوزنيقة، ليس فقط ضيفًا، بل شاهدًا ومؤطرًا لتقاطع مسارين عرفا طعم الشراكة كما عرفا مرارة التحولات.

كلمته كانت أكثر من تحية بروتوكولية، وأقل من خطاب انتخابي؛ كانت إشارة مضيئة إلى أن السياسة، كما عرفناها في لحظات أصيلة، يمكن أن تتنفس مجددًا خارج حسابات الربح والخسارة.

وحين قال أوزين إن “الرهان الانتخابي ليس هو من يصنع الأحزاب الكبرى”، كان يزرع قوسًا قيميًا بين من يرى في السياسة تسلقًا ظرفيًا ومن يجعل منها التزامًا متجذرًا في الزمن.

الجمهور الحاضر، قيادات وقواعد، تجاوب مع الكلمة بقدر ما لامست فيهم شعور الانتماء إلى لحظة وطنية أكبر من حدود الحزب الواحد.

كان في القاعة صدى لسنوات من رفقة الطريق، منذ لحظة تأسيس أول حكومة دستورية سنة 2011، إلى اليوم الذي يتطلب جرأة المراجعة، ونظافة اليد في معترك المصالح والتجاذبات.

أوزين لم يخفِ، بل لم يشأ أن يخفي، أن حضوره رفقة وفد الحركة الشعبية هو “رسالة محبة”، لكنها كانت أيضًا رسالة سياسة عميقة: أن البناء الديمقراطي المغربي أكبر من نتائج الصناديق، وأن الوفاء للمسار المشترك أهم من الاصطفاف الموسمي.

وفي ختام كلمته، حين أكد أن “المواقف دائمة والمواقع عابرة”، كان يعيد ضبط البوصلة السياسية: نحن بحاجة إلى بناء أحزاب تتنفس القيم وتنتصر للأفكار، لا تتقلب مع أمواج الريع والمناصب.

الواقع أن كلمة أوزين جاءت وسط سياق دقيق يعيشه حزب العدالة والتنمية وهو يعيد صياغة نفسه، لكنها بالتأكيد وجدت طريقها إلى قلوب المؤتمرين، ليس فقط لأنها أتت من حليف سياسي قديم، بل لأنها أعادت تذكيرهم بأن الهزيمة لا تكسر من كانت له قضية، وبأن السياسة، حين تعانق الأخلاق، تكون فعل بناء لا مجرد صراع كراسي.

بكلمة قصيرة وعميقة، تمكن أوزين من أن يزرع بذرة أمل في تربة السياسة الوطنية، بأن المغرب السياسي لا يزال قادرًا أن يحترم اختلافه، ويبني جسور الوفاء بين مد وجزر الزمن.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button