أخبارالرئيسيةفي الصميم

وجهة نظر: نتائج انتخاب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بين الاستمرارية ورهانات التجديد

يقلم: ذ. زهير أصدور(محام بهيئة الرباط)

أفرزت نتائج المؤتمر الوطني الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية (2025) فوزًا كاسحًا لعبد الإله بن كيران بمنصب الأمين العام، بحصوله على 974 صوتًا من أصل 1390 صوتًا صحيحًا.

هذا الانتصار الساحق يعكس تمسك القواعد التنظيمية بقيادته، لكنه في الآن ذاته يطرح تساؤلات عميقة حول قدرة الحزب على التكيف مع التحولات السياسية والاجتماعية التي يعرفها المغرب بعد سنوات من التراجع الانتخابي وفقدان الحضور الشعبي.

استمرارية بن كيران: تجديد للثقة أم رهان على المألوف؟يؤكد فوز بن كيران على رغبة قوية لدى مناضلي الحزب في الحفاظ على الاستمرارية، باعتبارها صمام أمان أمام التصدعات التنظيمية والارتباك الذي طبع مرحلة ما بعد انتخابات 2021.

بن كيران، بخطابه الذي يجمع بين المرجعية الإسلامية والمزاوجة مع الدولة الحديثة، يظل بالنسبة لعدد من المناضلين الضامن الأكبر لثوابت الحزب وهويته.

ومع ذلك، فإن الاستمرار في نفس الخط السياسي دون تجديد حقيقي، قد يصبح عامل إعاقة، لا قوة، في ظل التحولات المتسارعة في انتظارات المجتمع، خاصة لدى الشباب والطبقات الوسطى.

انتكاسة تيار التجديد: دلالة عميقة تتجاوز الأرقام. أظهرت النتائج تواضع الحضور الانتخابي للتيار المطالب بالتغيير، حيث حصل إدريس الأزمي الإدريسي على 374 صوتًا، وعبد الله بوانو على 42 صوتًا فقط.

هذه الأرقام تعكس مقاومة قوية داخل الحزب لفكرة التغيير الجذري، وتؤشر إلى صعوبة فتح ورش تجديد الأفكار والهياكل في المدى المنظور.

إنها رسالة واضحة: قواعد الحزب لا تزال مرتبطة برمزية القيادة التقليدية أكثر من استعدادها للانخراط في مغامرة تجديدية قد تحمل مخاطر تفكيك اللحمة الداخلية.

تحديات التنظيم والتأطير: بيت يحتاج إلى ترميم. ورغم تجديد الثقة في القيادة، لا يمكن إغفال التحديات العميقة التي يعاني منها الحزب، والتي تتجلى في:

• ضعف التأطير القاعدي والتراجع التنظيمي.

• أزمة خط التواصل مع الشباب والفئات الصاعدة.

• تراجع الامتداد النقابي والجمعوي المساند للحزب. • صعوبات مالية وتدبيرية مرتبطة بانحسار موارده بعد الخروج من الحكومة.كلها عناصر تجعل من الحفاظ على وحدة الحزب مهمة صعبة في ظل الإكراهات الذاتية والضغوط الخارجية.

معادلة دقيقة: بين الحاجة إلى الاستقرار وضغط التجديد. الرهان على استمرارية القيادة يمنح الحزب استقرارًا مرحليًا قد يحميه من تفكك محتمل.

لكن البقاء في دائرة الخطاب التقليدي، دون الانفتاح على لغة سياسية جديدة، سيكرّس العزلة عن التحولات العميقة التي يشهدها المجتمع المغربي: مطالب الشفافية، حقوق الإنسان، قضايا المرأة والشباب، العدالة المجالية، الاقتصاد الرقمي…لذلك، يبدو ضروريا للحزب أن يبلور رؤية استراتيجية مرنة تجمع بين الحفاظ على الثوابت والتجديد الذكي للخطاب والبرامج.إلى أين؟ ملامح الطريق أمام العدالة والتنمية.

أمام حزب العدالة والتنمية ثلاث خيارات واضحة في المرحلة المقبلة:

الخيار الأول: الاكتفاء بالاستمرارية والرهان على تعبئة القواعد التقليدية، وهو خيار يحمل مخاطر السقوط التدريجي في التهميش السياسي.

• الخيار الثاني: فتح ورش تجديد تدريجي تحت إشراف القيادة الحالية، مع فسح المجال أمام نخب جديدة للتعبير والمبادرة، بما يحقق انتقالًا سلسًا وآمنًا.

• الخيار الثالث: مغامرة تغيير جذري قد تضع وحدة الحزب على المحك في غياب ضمانات النجاح.

النجاح في المرحلة المقبلة لن يتحقق فقط بالإبقاء على القيادة التاريخية، بل بمدى قدرة الحزب على قراءة التحولات الاجتماعية والاقتصادية بعين واقعية، وإعادة صياغة أدواته وبرامجه بما يجعله فاعلًا سياسيًا حاضرًا ومؤثرًا في مغرب 2030.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button