أخبارتقارير وملفات

تقارير.. ترصد علل واختلالات قطاع الصحة في المغرب

كشفت جائحة كورونا بشكل واضح عن أزمة المنظومة الصحية في المغرب، خصوصا بعدما راكمت العديد من الاختلالات في السنوات الماضية، مما جعل القطاع الحيوي لا يستجيب بشكل جيد لحق المغاربة في الصحة.وكشف تقرير برلماني جديد، وقبله تقرير اللجنة الخاصة للنموذج التنموي، الإكراهات والمشاكل التي مازالت تعانيها المنظومة  الصحية بالمملكة، متوقفا في نفس الوقت على أهمية الإصلاح الشامل لهذه المنظومة.

واقع الصحة بالمغرب “مهول”

أبرز التقرير البرلماني الذي وضع المجهر على واقع الصحة بالمغرب، أن هناك إشكاليات على مستوى نظام الحوكمة والتمويل الصحي، خاصة النقص في الموارد المالية والبشرية، الذي وصفه التقرير  بـ”المهول”، بالمقارنة مع توصيات منظمة الصحة العالمية.

ويعرف القطاع إشكاليات وإكراهات، ترتبط بضعف البنيات التحتية الاستشفائية وغياب العدالة المجالية في توزيعها، إلى جانب ضعف التجهيزات الضرورية لضمان جودة الخدمات الطبية.

واعترف تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي قبل ذلك أيضا، بأن المنظومة الصحية بالمغرب تشكو من نقائص مهمة، تضع الصحة في قلب انشغالات المواطنين، وكشف أن المغرب يحتل اليوم المرتبة 112 من ضمن 195 بلدا فيما يتعلق بمؤشر الولوج إلى الخدمات الصحية وجودتها، مشيرا إلى أن الولوج إليها يبقى صعبا، خاصة في الأرياف، علاوة على كونه مكلفا ويتطلب وقتا طويلا. وأوضح أن جودة الخدمات الصحية لم تعرف نفس وتيرة تطور الولوج إليها، وأن التكلفة الفعلية التي يتحملها المواطنون تبقى مرتفعة جدا، إذ تتحمل الأسر ما يفوق 50 بالمئة من مجموع النفقات المرتبطة بالخدمات الصحية.

تخلف ونقص في الميزانيات، وفي الموارد البشرية واللوجستيكية

وما يعانيه قطاع الصحة عموما من تخلف ونقص في الميزانيات، وفي الموارد البشرية واللوجستيكية، ونقص البنيات الاستشفائية، لا يمكن فصله عن الفلسفة العامة التي تصدر عنها هذه السياسات، وطبيعة مقاربة الحكومة لحقوق وواجبات المواطنين، على رأسها حق المواطن في الصحة. وتضمن الدولة ومؤسساتها وأجهزتها خدمة المواطن والتنمية عامة، ومنها حقهم في منظومة صحية شاملة، وتيسير كل السبل الوقائية والعلاجية التي تكفل لهم حياة صحية مريحة.

ويعتبر ما يرصد من استثمارات لتنمية القطاعات الاجتماعية، ومنها قطاعي الصحة والتعليم، وما يبذل من جهود للنهوض بالعنصر البشري، هو استثمار تنموي يساهم حتما في النهوض بالبلد عامة.ولا يجب أن تعتبر الدولة على أن الإنفاق على ما هو اجتماعي، هو هدر للمال العام وتحويل الميزانيات إلى استثمارات في مجالات أخرى ستدر الأبراح الكبيرة على الدولة.

وتستند السياسة الصحية إلى رؤى تتجاوز مدة الانتداب الوزاري بل حتى الولاية الانتخابية والحكومية من أجل تحديد الأهداف والوسائل على المدى الطويل، على عكس البرامج الجزئية والقطاعية والقصيرة الأمد. وغياب أو ضعف رؤية استراتيجية، هو إهدار للوقت والميزانيات والمؤشرات الصحية، وإهدار لفرص فعالية المنظومة الصحية.

وبذل المغرب جهودا كبيرة في القطاع الصحي مع نتائج مقبولة، إذ قام بتحسين الوضع الصحي لسكانه، وكذلك مؤشراته الصحية على عدة مستويات، وذلك بخفض معدل وفيات الأمهات بأكثر من الثلثين في ظرف 15 عاما (من 2013 إلى 2018)، وخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بأكثر من النصف، وحسّن متوسط ​​العمر المتوقع لمواطنيه بأكثر من ست سنوات. لكن مع ذلك هناك حاجة ملحة لتعزيز وتقوية الموارد المالية والبشرية والتقنية، بالموازاة مع إصلاح المنظومة الصحية، والاهتمام بالمحددات الصحية الأخرى. والمطلوب اعتماد نظام صحي قائم على الرعاية الأولية وطب العائلة، باعتبار طب وصحة القرب هما العمود الفقري لأنظمة صحية فعالة ومنصفة، تجمع بين الفعالية والكفاءة والنجاعة. وعدم اعتماد المنظومة الصحية على الرعاية الصحية الأولية تستهلك الكثير من الميزانيات والموارد البشرية والبنية التحتية، مع نتائج محدودة.

“فيتش للحلول”، القطاع الصحي في المغرب يعاني من مشاكل عدة

وذكر تقرير دولي حديث لمؤسسة “فيتش للحلول”، إن القطاع الصحي في المغرب يعاني من مشاكل عدة، تتمثل في تدني الأجور واحتجاجات العاملين واستشراء الفساد والرشوة.

وعبر المرضى والأطباء في التقرير، على حد سواء ودائما، عن عدم رضاهم تجاه أوضاع النظام الصحي، خاصة ما يتعلق بجودة الرعاية الاجتماعية، والفساد المستشري على نطاق واسع، وظروف العمل السيئة. وأشار التقرير إلى أن هذا الوضع يُنتج اضرابات مستمرة واستقالات عديدة في المجال الصحي، احتجاجا على تدني الأجور وعدم مبالاة الوزارة الوصية لمعالجة القضايا التي تواجه النظام الصحي. وأورد أيضا أن هناك عدم يقين بخصوص الأدوية في البلاد، حيث أن عددا من المصحات الخاصة تفرض رسوما أعلى على المرضى مستفيدة من عدم وجود رقابة كافية عليها.

وتفيد المعطيات التي تضمنها التقرير في المقابل، بأن السوق تقدم فرصا كبيرة لمُصنعي الأدوية في المملكة، بحيث يقدر أن تصل سوق الأدوية في البلد إلى ما قيمته 33.76 مليار درهم (3.5 مليار دولار) بحلول عام 2028، مقابل 16.53 مليار درهم حاليا (قرابة 1.7 مليار دولار).

وذكرت المؤسسة التابعة لوكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني الدولية، إن سوق الأدوية في المغرب ستحقق معدل نمو سنوي قدره 7.7% على مدى الأعوام العشر المقبلة، نتيجة العلاقات القوية للمغرب مع الدول الأوروبية ووضعه الجيوسياسي الاستراتيجي. وهذه التوقعات تتماشى مع تخطيط الحكومة لبلوغ التغطية الشاملة في المستقبل لتضم السكان الذين يواجهون صعوبات في الوصول إلى خدمات طبية جيدة، خصوصا القاطنين في المناطق القروية. إلا أنه أشار إلى أن هناك تحديات طويلة الأمد يُمكن أن تحد من تقدم وجاذبية سوق الأدوية في المغرب، حيث لا يزال هناك جزء كبير من السكان بدون تغطية صحية.

قرابة 8.5 مليون شخص في المغرب دون تغطية صحية

وأشارت بيانات البنك الدولي لعام 2017 إلى أن قرابة 8.5 مليون شخص في المغرب دون تغطية صحية. أما أرقام الحكومة المغربية فتفيد بأن 60% من السكان فقط مشمولون بتغطية صحية حسب إحصائيات شهر مايو 2019. واعتبرت “فيتش” أن تنفيذ الحكومة المغربية لسياسة وطنية منذ عام 2012 بهدف تخفيض أسعار الأدوية، خصوصا الخاصة بالأمراض المزمنة، سيؤثر سلبا على جاذبية سوق البلاد لصانعي الأدوية الدوليين، في المقابل سيمثل ذلك فرصة لمنتجي الأدوية المشابهة التي تدعمها الحكومة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button