تقارير وملفات

“الحزام والطريق” الصينية تعزز استراتيجية التنمية بالمملكة

يعتبر المغرب جسر تعاون في المجال الإفريقي، بحكم موقعه الجغرافي القريب من أوروبا والعلاقات المتميزة التي تربطه مع دول غرب أفريقيا، بالإضافة لارتباطه بأكثر من 45 اتفاقية تبادل حر مع دول عديدة. ومنحت الصين المغرب صفة “الدولة المحورية” في إطار ‏مبادرة “الحزام والطريق”.
وكان المغرب من أوائل البلدان في أفريقيا التي انضمت إلى مبادرة “الحزام والطريق”، من خلال التوقيع ‏عام 2017 على مذكرة تفاهم تسمح للمملكة بإقامة عدة شراكات في قطاعات واعدة مثل البنية التحتية، ‏والصناعات المتطورة والتكنولوجيا‎.‎

خطة التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق

وقعّت المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية في الخامس من يناير المنصرم عبر تقنية الاتصال المرئي- على اتفاقية “خطة التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق”.
وتضخ مبادرة الحزام والطريق -التي تعرف أيضا باسم طريق الحرير الجديد أو طريق الحرير للقرن الـ21- استثمارات ضخمة لتطوير البنى التحتية للممرات الاقتصادية العالمية، لربط أكثر من 70 دولة، وكان قد أطلقها الرئيس الصيني عام 2013، وتهدف إلى إنشاء حزام بري من سكك الحديد والطرق عبر آسيا الوسطى وروسيا، وطريق بحري يسمح للصين بالوصول إلى إفريقيا وأوروبا، بكلفة إجمالية تبلغ تريليون دولار.
وتهدف اتفاقية “خطة التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق” إلى تشجيع الولوج إلى التمويلات ‏الصينية المنصوص عليها في “مبادرة الحزام والطريق”، بهدف إنجاز مشاريع في المغرب، وتسهيل المبادلات ‏التجارية، وتأسيس شركات مختلطة في مختلف المجالات (المناطق الصناعية والطاقات، بما في ذلك الطاقات ‏المتجددة).‏
وتهتم هذه الاتفاقية بالتعاون في البحث والتنمية (التكنولوجيا، الطاقة، الزراعة…) والتعاون التكنولوجي والتقني، فضلا عن التكوين المهني. وبموجب هذه الإتفاقية تتعهد الحكومة الصينية بتشجيع الشركات الصينية الكبرى على الاستثمار بالمغرب خصوصا في صناعة السيارات، والطيران، والتكنولوجيا الفائقة والتجارة الإلكترونية، والصناعة الزراعية والنسيج.

مبادرة الحزام والطريق الصينية تتوافق مع النموذج التنموي الجديد للمغرب

ذكر وزير الشؤون الخارجية ناصر ‏بوريطة أن “مبادرة الحزام والطريق” تفتح آفاقا جديدة في مجال التجارة والاستثمارات، ‏وتجلب فرصا إضافية تتوافق مع النموذج التنموي الجديد للمملكة”.
وقال بوريطة أن الشراكة بين المغرب والصين تستمد قوتها من الانفتاح على أفريقيا، مشيرا إلى أن ‏الاتفاقية الموقعة تنص صراحة على تعاون ثلاثي الأطراف لفائدة القارة.‏ وأبرز أن المغرب والصين سينكبان على الإطلاق والتنفيذ المشترك لمشاريع تعاون ثلاثية الأطراف، تهدف إلى ‏النهوض بالتنمية المستدامة في أفريقيا، وخلص بوريطة إلى أن المغرب -الذي يفرض نفسه كبلد أفريقي وعربي ومتوسطي محوري في تفعيل “مبادرة الحزام والطريق”- شريك له نفس طموح الصين المتمثل في جعل “مبادرة الحزام والطريق” نجاحا للتعاون جنوب-جنوب.
وصرح محمد خليل رئيس جمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية، أن الاتفاقية خطوة مهمة جاءت لتنفيذ اتفاقيات إستراتيجية سابقة، خصوصا الشراكة الإستراتيجية بين المغرب والصين في 2016، واتفاقية 2017. ويراهن المغرب على جلب المزيد من الاستثمارات، وعبّر خليل عن تفاؤله؛ خصوصا أن الاتفاقية ترعاها الدولة التي تشجع الشركات الصينية على الاستثمار. ويرى أن الخطوة الجديدة تزيد من تشجيع المستثمرين الصينين، مشيرا إلى أن الأرضية مهيأة للصينين الذين يتعرفون على المغرب تدريجيا، ويهتمون به كوجهة للاستثمار.

شراكة استراتيجية مغربية صينية

كان الملك محمد السادس قد قام بزيارة رسمية للصين الشعبية عام 2016، والتي شهدت توقيع إعلان مشترك بخصوص الشراكة الإستراتيجية، ‏بالإضافة إلى 32 اتفاقية، ومذكرة تفاهم في عدة مجالات.
ودخلت في نونبر 2020 مجموعة استثمارية صينية بحصة 35% في شركة تهيئة “مدينة محمد السادس طنجة-تيك”، وهي مدينة صناعية عصرية، متصلة بالتكنولوجيات الجديدة، يتوقع أن توفر حوالي 100 ألف منصب شغل مباشر.
وأكد بوريطة أن خطة التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق تمثل أداة متكاملة لتعزيز الشراكة ‏الثنائية وللتدبير الإستراتيجي، والتفعيل الملموس لشراكة شاملة.
وزادت التجارة البينية بين الصين والمغرب بنسبة 50% خلال الأعوام الخمس الماضية، من متوسط 4 مليارات دولار في 2016 إلى 6 مليارات بحلول 2021.
وأصبح مشهد جموع السياح الصينين مألوفا (خصوصا قبل الجائحة) بعد رفع التأشيرة عن السياح الصينيين. وشهدت مجموعة من المدن المغربية افتتاح مطاعم صينية بها، وتنامى قطاع السياحة بنسبة 20 ضعفا، حيث انتقل عدد الزوار الصينيين من 10 ‏آلاف فقط سنة 2015 إلى 200 ألف شخص عام 2018.‏
ويعمل في المغرب أكثر من 80 مشروعا مشتركا مع الصين أو شركات صينية، قيد الإنجاز في جميع أنحاء المملكة.

تعاون مغربي صيني متعدد الأبعاد

حافظ المغرب والصين على تعاون متعدد الأبعاد، تجلى في فترة جائحة كوفيد‎-‎‏19، من خلال الشراكة في مجال الصحة ‏والتلقيح، والتي توجت بالتوقيع في يوليوز 2021 على مذكرة تعاون بشأن اللقاح المضاد لكوفيد-19 بين المغرب ‏والمجموعة الصيدلية الوطنية للصين “سينوفارم” (Sinopharm)، ومذكرة تفاهم حول إعداد قدرات تصنيع اللقاحات ‏بالمملكة المغربية بين المغرب وشركة “ريسيفارم” (Recipharm)، وعقد وضع رهن إشارة المغرب منشآت التعبئة المعقمة ‏لشركة “سوطيما” (Sothema) المغربية المتخصصة في صناعة الأدوية، من أجل تصنيع اللقاح المضاد لكوفيد-19.
وبلغت الاستثمارات المباشرة للصين في المغرب 380 مليون دولار، غالبيتها مخصصة للبنيات التحتية والاتصالات والصيد البحري، وفق نينغ جي نائب رئيس اللجنة الوطنية الصينية للإصلاح والتنمية. وبلغ حجم التجارة الثنائية 4.76 مليارات دولار، بزيادة قدرها 2% على الرغم من جائحة كوفيد-19 وركود التجارة الدولية، ويتوقع أن يتجاوز حجم التجارة 6 مليارات دولار هذا العام.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button